Culture Magazine Monday  28/05/2007 G Issue 200
نصوص
الأثنين 11 ,جمادى الاولى 1428   العدد  200
 
عبدالواحد الأنصاري في سرد جديد
(بكارة) مجموعة قصصية تناور حول ألق العتق الفاتن

 

 
*مطالعات -عبدالحفيظ الشمري:

الأديب القاص عبدالواحد الأنصاري يطل على القارئ من جديد بعمل سردي فاتن يجمع التشويق، واللغة، والحبكة المتوائمة مع بعضها البعض، ليحيك لنا قماشة فنية متكاملة التكوين تحقق الغرض، وترضي الزائقة، وتصوغ لنا من القصص حكاية شيقة تعالج الكثير من المواقف، وتفصح دون عناء عن مكنون اجتماعي لا يزال ثراً في قيمه، وتداعياته الوجدانية على نحو ما يبثه شخوص قصص (بكارة). هؤلاء الذين يداومون البوح في لغة سرد فاتنة.

فلسفة القاص الروائي عبدالواحد الأنصاري ناضجة بما يكفي لأن تؤسس لعالم سردي متكامل تتيح للقارئ متعة التأمل لأصل الحكاية التي تنبع من عوالم واقعية تتلبسها حالات هائجة من خيال تصنعه لغة القصص.. حيث يدير القاص (الأنصاري) دفة الحوار السردي بدراية، ودربة متقنة، لنقف في موازاة عمل قصصي متكامل.

قصة (معتوقة) فاتحة الحكايا في المجموعة، حيث ينازع (شوعي) الأمر صديقه (الراوي) ليؤسس العديد من اللوحات الشيقة.. تلك التي تكشف جوانب الخفاء الغريب في حياة البطلة (معتوقة).. في وقت تتواصل صور الأنوثة على نحو ما جاء القدر بمعتوقة ها هو يتواصل في رسم خارطة عتيقة عن وقوع المرأة في ذلك العالم بمزالق البلل حينما سقطت العجوز في قصة (تغلغل) على أم رأسها في بئر غواية يتجسد في (طوي) ترده الإبل والشياه، إلا أن الحفيدة لم تسقط في جوف (خزان الماء) إنما مسها شيء من الجنون لتسقط في خلاط إسمنت تفارق على أثره الحياة.

تترامى القصص في نحو استنطاقي لخطاب المرأة أو النسوة على نحو ما ورد في القصة الثالثة (فخر) حينما تنتهي حياة يافع وكأنها ثمن ممكن لحالة إجتماعية فاخر فيها الأب حينما نقل الرجال جثمان (عبدالخالق) إلى مثواه الأخير.

تتوالى القصص في سرد الموقف تلو الآخر، إلا أن الأنصاري يبرع كثيراً في اقتفاء حساسية الخطاب الإنساني البسيط، ليظل الراوي مشدوداً إلى حالة من الوعي التام ببواطن الأمور، وخفايا النفوس، فالوعي الذي يتمتع به الراوي نراه ينصهر في القصص، وستتجلى دون عناء حقيقة القصة التي تأتي من ورائها أسرار لا يقوى على استظهار إلى راو محنك على نحو (الراوي - البطل) في قصة (قندها) حيث يطلعنا الراوي ببانورامية تتداخل فيها الوقائع بالخيالات إلا أننا بالنهاية نستدرك حقيقة كل مشهد حينما يتحول إلى واقع ملموس، يشخص (الكاتب) من خلاله المشكلة إلا أنه لا يجد الحل المناسب.

المواقف في قصص (بكارة) مؤثرة، والحكايات شيقة رغم ألم بعضها، بل أن فيها من قصص العشق ما تعجز عن مجاراته.. فالروي في قصة (سلسلة) ينهل من معين ملحمة تستمد طاقتها من حجم قصص وحكايات وروايات تفرط في حضور خيالها الرحب، حيث تتداعى كل رؤية على الأخرى مكونة هذا النسيج الوجداني الذي تتركه كل قصة من قصص الأساطير التي انتقى منها (الأنصاري) ما يصلح لأن يعالج مشكلة التواتر الهزلي المصاحب لفهم أي قضية مرت بنا نحن البشر.

لا تخرج قصص (بكارة) عن هذا المفهوم السردي المتوائم مع ذاته، لنراها وقد دارت في فلك الحكايات المفيدة..تلك التي توفر للقارئ قوة إضافية للذائقة، في وقت يبرع الكاتب في رسم تفاصيل حبكة مناسبة تأخذ من اللغة بعدها التأثيري الفاتن، فلغة القصص شيقة، لتفصح لنا عن مشاهد اجتماعية غاية في الغرابة؛ لاسيما ما له علاقة بدقائق حياة الإنسان البسيط.. ذلك الذي يعيش على الهامش دائماً.

العمل الجديد للقاص الروائي عبدالواحد الأنصاري يعد قفزة نوعية في مشواره الأدبي، حيث يبرع هذا المبدع في مد جسور عطائه نحو القارئ بمقومات أدب رفيع، وثقافة عالية، وبعد إنساني مميز يحفظ له الكثير من الحقوق المعنوية في رحلة البحث عن الذات من خلال إبداع مكتمل العناصر.. وهذا ما تشي به قصص (بكارة).. والقادم أكثر تميزاً وبهاء في تجربة الانصاري.

***

إشارة:

* بكارة (قصص)

* عبدالواحد الأنصاري

* دار وجوه - الرياض - 2007م - 1428هـ

* تقع المجموعة في نحو (128 صفحة)

من القطع المتوسط

* لوحة الغلاف للفنان (حاتم).

***

لإبداء الرأي حول هذه المطالعة، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«5217» ثم أرسلها إلى الكود 82244

hrbda2000@hotmail.com


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة